Categories
Gebran Tueni

Gebran Tueni, Never forget the Martyrs!

This text was written by Gebran in 1995, in it he asks us to always remember our martyrs, 2 years ago he became one, so let’s all remember him and try to keep his ideas alive!

Martyr Gebran Tueniيقول البعض: لماذا العودة الى الوراء؟ فالمطلوب هو ان ننسى كل ما حصل وكأنه لم يكن…
معقول هذا الكلام؟
وهل يجوز ان ننسى؟
هل يجوز ان نمحو 20 عاما من حياتنا ومن تاريخ الوطن، 20 عاما من الصراع والكفاح من اجل البقاء… والاستمرار؟
هل يجوز ان ننسى مئتي الف شهيد سقطوا ورووا ارض الوطن بدمائهم؟
وهل ننسى كل أم وأب وعائلة فقدت حبيباً؟
وهل ننسى الارامل والايتام؟
… وشهداؤنا الاحياء، عنيت معاقي الحرب، هل ننساهم؟
وهل ننسى الجرحى، والمخطوفين والمفقودين والمسجونين؟
وهل ننسى عاصمتنا التي دُمرت، وقرانا ومدننا وجبلنا وساحلنا؟
وهل ننسى “كارنفال” الجيوش التي مرّت من هنا؟
وهل ننسى ان جيلاً بكامله دفع الثمن، ثمن اخطاء الماضي، ثمن الثورات التي لم تحصل فحصلت كلها في الوقت نفسه،
من الصراعات العربية – العربية والعربية – الاسرائيلية والدولية – الشرق الاوسطية الخ…
وهل ننسى اننا قاتلنا جميعا دفاعاً عن وطن وحلم جمهورية، قاتلنا حتى التضحية بالذات؟
فهل يجوز ان ننسى؟
كلا!
حرام ان ننسى ان وطننا اذا قام ذات يوم فلأن الثمن كان 20 عاماً من التضحية والصمود والتصدي!
لبنان الوطن والارض لا يمكن ان ينسى ما حصل به وعليه وفيه، لا يمكن ان ينسى ان ابناءه ضحوا من اجله ومن اجل بقائه حراً، سيداً، مستقلاً. لا، لن ننسى ما حصل، لن ننسى كيف ضُربنا وقُصفنا وقُتلنا وخٌطفنا وشُردنا وفُقّرنا… لن ننسى كل المؤامرات التي حاولت الغاء الوطن والشعب والمؤسسات،
لن ننسى كيف تُرك لبنان وحيدا، يتيما يصارع المؤامرة يوما بعد يوم رافضا ان يموت فارضا نفسه على من حاول خطف حياة الوطن وأبناء الوطن.
لن ننسى ولا يجوز ان ننسى!
لقد أصبح لنا اليوم تاريخ معاصر مكتوب بالحبر الاحمر، تاريخ دفعنا ثمنه غاليا.
فليس من العيب ان تمر الاوطان بمعمودية الدم، وليس من العيب ان يسقط أبطال حتى في الحروب الاهلية… وليس من العيب ان نكون صمدنا وحاربنا وواجهنا ودافعنا…
… فلكل الاوطان ثوراتها الدامية وحروبها الأهلية وحروب الاستقلال والوجود… لكل الاوطان تاريخ مكتوب بدماء الشهداء…
انه الثمن، ثمن الاستقلال وثمن الوجود الحر!
أما اليوم، فيمكننا ان نقول اننا في لبنان دفعنا غاليا جدا ثمن استقلالنا وحريتنا!
جيلنا بالذات دفع الثمن عن جيل الماضي الذي أعطى الاستقلال على طبق من فضة.
جيلنا دفع الثمن – بدون تردد – وضميره مرتاح، ورأسه مرفوع!
جيلنا دفع الثمن كي لا يدفع جيل الغد الثمن!
نعم، ممنوع ان ننسى، لا بل علينا ان نتذكر لا من باب الحقد والبغض والغضب، فنحن لسنا غاضبين او حاقدين، دفعنا الثمن لاننا لا نريد ان يرث اولادنا ما ورثناه ذات يوم: مزرعة برسم البيع والايجار.
دفعنا الثمن كي لا تندلع كل عشرة او عشرين سنة حرب جديدة يدفع ثمنها اولادنا، دفعنا الثمن ليعرف ابناء الجيل الطالع ان هذه الارض الغالية ممنوع على احد ان يتنازل عنها او يخونها!
ارضنا مقدسة ياجماعة، ارضنا اصبح يحميها اليوم 200 الف ملاك… توحدوا بعدما قسمتهم الحرب!
فباسم ملائكة لبنان، لا يجوز ان ننسى، بل علينا ان نتذكر كل ما حصل كي لا نعود ونرتكب الاخطاء نفسها… وكي يتذكر من قد يريد ان يتطاول على وطننا ان وطننا ليس للبيع او للايجار.
لن ننسى لا لنزرع من جديد نعرات من هنا ونعرات من هناك، معاذ الله، بل لنفرض على كل مسؤول حدا ادنى من الاحترام والجدية في التعاطي بشؤون الوطن…
فتذكروا يا ابناء لبنان، يا ابناء الجيل الجديد، ان وطنكم عانى الكثير، تذكروا ودافعوا عنه بكل قواكم…
دافعوا عنه وابنوا جمهورية احلامنا، هذه الجمهورية التي لم نعشها في الماضي…
… هذه الجمهورية التي دفعنا ثمنها 200 الف شهيد كي يصبح حلمنا حقيقتكم!
أرادوه مزرعة اردناه جمهورية،
ارادوه قطعة ارض للبيع والايجار، اردناه سيدا حرا مستقلا،
ارادوه سطحيا، سخيفا، خفيفا، اردناه جديا، عميقا، رائداً، مثاليا،
ارادوه تابعا، خاضعا، اردناه حراً، ديموقراطيا،
ارادوه بدلا من ضائع، اردناه ابدياً.
فيا ابناء المستقبل تذكروا ان داخل كل انسان في وطننا جنديا مجهولاً…
تذكروا ولا تنسوا، فمن ينسى وينكر تاريخه ينكر ذاته وشخصيته!
… ارادوه من الماضي، اردناه للمستقبل…
فلا تنسوا من استشهد ليبقى لكم وللوطن مستقبل!

جبران تويني

(“نهار الشباب” 13 نيسان 1995).